وخلاصة هذا البعد هو أن القرآن الكريم قد اهتم اهتماما خاصا وعمل على إيجاد قاعدة بشرية إنسانية ثورية ملتزمة معينة وخلال حقبة محددة وهي مدة نزوله، بحيث تكون هذه القاعدة أمام مسؤولية حمل الإسلام على مدى الأزمان وفي كل مراحل تأريخ البشرية في المستقبل، قال تعالى:
* (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها...) * (1).
والمراد من " أم القرى " هي القرية الام وهي (مكة) وما حولها، والآية دالة على إرادة جماعة معينة، لأننا مهما توسعنا في المراد من (وما حولها) فلن تشمل الأرض كلها.
وكذلك قوله تعالى:
* (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم...) * (2).
فإن المقصود من " الأميين " وعلى مستوى تفسير المعنى هم (العرب) وبإجماع المفسرين، وإن اختلفوا في تفسير اللفظ لهذه الكلمة.
من هذه الآيات وغيرها يتضح لنا أن القرآن الكريم قد استهدف - في ضمن أهدافه - تربية وتزكية مجموعة ما وبشكل خاص مع تأكيد أن الرسالة هي رسالة عالمية لكل البشرية ولا تختص بجماعة معينة.
فلقد أدركت الرسالة بأن البشرية كلها لا يمكن أن تتغير - بالفعل - خلال تلك المدة الوجيزة والمحدودة لنزول القرآن، ذلك التغيير الجذري المطلوب، ولذلك