الذين خرجوا من الطريق المستقيم، ولكن لا عن تمرد وعناد بل لجهلهم في الحقيقة وعدم معرفتهم بالله تعالى وهو ما نعبر عنه بالجهل البسيط وإن كان هذا الجهل عن تقصير منهم في البحث عن الحقيقة * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا...) * (1).
تفسير آخر للسراط:
وهناك تفسير آخر للسراط المستقيم يقترب كثيرا من التفسير السابق ويبتني على فكرة أن للإنسان حالات ثلاثا هي:
الأولى: حالة الاستقامة ويكون فيها في موضع الرحمة والنعمة الإلهية وفي طريق التكامل والصعود.
الثانية: حالة التمرد على الله تبارك وتعالى، ويكون فيها في موضع الغضب الإلهي وفي طريق التسافل والتنازل.
الثالثة: حالة التيه الذي لا يعرف معه الطريق المستقيم وهل هو في صعود وتكامل أم في حالة نزول وتسافل، وهذه الحالة هي حالة (الضلال).
ومع أن لفظ (الضلال) يستخدم في كل حالات الخروج من الاعتدال إلا أنه في مثل هذه الآية المباركة استخدم في حالات الخروج الأخرى غير المتصفة بالتمرد والشدة بدليل قوله تعالى: * (غير المغضوب...) * مستخدما بذلك أسلوب الترقي في النفي أي مجئ العموم المنفي * (ولا الضالين) * بعد الخصوص * (غير المغضوب عليهم) * فكأن الإنسان يطلب من الله تعالى أن يكون من الذين أنعم الله عليهم * (الذين أنعمت عليهم) * أولا ثم يطلب منه أن لا يكون منحرفا انحراف أولئك المتمردين على الله تعالى * (غير المغضوب عليهم...) * بل حتى ولا أن يكون منحرفا بأي شكل من أشكال الانحراف * (ولا الضالين) *.