الثانية: إن اجماع المسلمين في الصدر الأول على إثبات البسملة وتسالمهم على رسمها بصفتها جزءا من القرآن الكريم يكشف لنا عن أن ذلك قد تلقوه عن النبي (صلى الله عليه وآله) والوحي، ولذا لم يخالفوه ولم يختلفوا فيه، وعلى هذا لا يكون عدم اعتقاد بعض من كتب المصحف في عصور متأخرة بجزئية (البسملة) كاشفا عن كونها لم تكن كذلك حقيقة لأنه لم يكتبه على أساس اعتقاده واجتهاده، بل على أساس متابعة المصحف المتداول بين المسلمين، ولهذا السبب أيضا تقيد بالطريقة الإملائية للمصحف بالرغم من أنها لا تنسجم مع قواعد الإملاء التي كان يعتقد بها الذين رسموا المصحف في العصور المتأخرة.
ولا يوجد أي دليل على أن المسلمين في الصدر الأول كانوا لا يعتقدون بجزئية (البسملة)، بل يوجد العكس كما ورد في بعض الأحاديث السابقة، ومن قبيل ما حدث في زمن عثمان حيث اجتمع المسلمون لتثبيت ما هو قرآني في مقابل الزوائد، كالتفسيرات والتأويلات والقراءات وغيرها، حيث نجد أن أولئك الصحابة ثبتوا (البسملة) وكتبوها كما كتبوا غيرها من الآيات.
الرابع - سيرة المسلمين:
المقصود بهذا الدليل هو سيرة المسلمين في قراءة القرآن الكريم. ومن المعروف أن القرآن الكريم قد تم جمعه وحفظه بطريقتين، هما:
إحداهما: طريقة الكتابة والرسم، وبها تمت صيانة وحفظ القرآن إلى يومنا هذا.
والاخرى: هي الطريقة الأهم والأتقن والتي تتم من خلال القراءة والحفظ في صدور المسلمين جيلا بعد جيل منذ الصدر الأول إلى يومنا هذا.
وهؤلاء الذين حفظوا القرآن عن ظهر قلب، حفظوا السور مع (البسملة)