ثانيا - فيما يخص شيوع التفسير التجزيئي:
فقد ذكر السيد الشهيد الصدر (قدس سره) أن سبب ظهور نزعة التفسير التجزيئي أولا واستمرارها لقرون عديدة ثم نشوء التفسير الموضوعي في أحضان التفسير التجزيئي حتى أخذ موقعه المناسب في هذا العصر، هو التفسير بالمأثور.
إن هذا التفسير لهذه الظاهرة غير واضح - لدي على أقل تقدير - ففي تصوري أن سبب شيوع الاتجاه التجزيئي في التفسير وسبقه للاتجاه الموضوعي مرجعه إلى أمرين:
أحدهما - القدسية التي أحاطت النص القرآني الكريم:
أن القرآن الكريم بصفته كتابا مقدسا وضع ضمن ترتيب ونص معين - من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) على الأصح، أو في زمن متأخر - كما يحتمله بعضهم، ويبدأ هذا الترتيب بفاتحة الكتاب ويختتم بسورة (الناس).
وقد بقي المسلمون وحتى يومنا الحاضر يحترمون هذه الصيغة وهذا الشكل التركيبي للقرآن الكريم، الأمر الذي أدى إلى التقيد بهذا الترتيب في قراءة القرآن وفي تفسيره ودراسته.
وهذا هو السبب الرئيس - في تصورنا - الذي أدى إلى ظهور النزعة التجزيئية في التفسير وشيوعها.
وهذا الشئ هو ما نشاهده أيضا وفي كل النصوص التي تتصف بقدسية خاصة في ترتيبها - من ناحية ورودها وحفظها ضمن تسلسل معين - وإن كانت بدرجة أقل من القرآن الكريم، كنهج البلاغة والصحيفة السجادية، فشروحهما في مختلف العصور، شروح وفق المنهج التجزيئي.
ولعل انتهاج الدراسات الفقهية للمنهج الموضوعي منذ بداية نشأتها والتطور