وأما في الآخرة فإن الرحمة وإن كانت موجودة - حتى ورد في الأثر أن إبليس (لعنه الله) يطمح في مغفرة الله تبارك وتعالى - إلا ان لها حدا أكده القرآن الكريم كثيرا وهو حد (العدل الإلهي)، ثم صرح بأنه سيملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين.
قال تعالى:
* (... وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) * (1).
* (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) * (2).
الرابعة - العدل الإلهي:
وهي خصيصة (العدل الإلهي) وقد أبرزت بقوله تعالى * (مالك يوم الدين) * فذلك اليوم هو يوم العدل لا (الرحمة بسعتها في الدار الدنيا)، ولذا لم يرد التعبير بقوله (رحيم أو رحمان يوم الدين)، حيث إن محور حركة الإنسان في الدار الدنيا الذي يتم من خلاله تكامله وتطوره هو الإرادة والاختيار، وقد يقع من خلالهما بالخطأ والمعصية وحينئذ فقد وضع الله تعالى أمامه باب الرحمة المفتوح وهو التوبة، ولولاها لتوقفت حركته وتكامله ولسد الباب عليه.
وأما محور حركته في الدار الآخرة فهو القهر والإلزام على ما ذكرنا في تفسير معنى * (يوم الدين) * ومن الإلزام ينشأ الجزاء والعقاب ولا يكون للإرادة الإنسانية والاختيار دور معين يومذاك، وتكون العلاقة إذن علاقة (العدل الإلهي) الذي