وتعاملوا معها في القراءة كبقية الآيات القرآنية، وهذا كاشف عن أن (البسملة) قد تداولها المسلمون جيلا بعد جيل منذ عصر الرسول وإلى يومنا هذا.
ولا نريد بهذا الاستدلال - من خلال سيرة المسلمين - على أن الالتزام بالبسملة بصفتها جزءا من القرآن الكريم، بحيث نكتشف من خلال هذا الإجماع رأي النبي (صلى الله عليه وآله) والوحي، وإلا لكان الجواب على مثل هذا الاستدلال بأن كثيرا ممن كان يقرؤها في عصور متأخرة لا يعتقد بجزئيتها.
وإنما نريد أن نكشف بهذه السيرة أن مسلمي الصدر الأول كانوا يقرؤونها كما يقرؤون بقية الآيات، وحينئذ يكون هذا دليلا وكاشفا عن رأي النبي (صلى الله عليه وآله) ومن ثم رأي الوحي في (البسملة) (1).
وهذه الأدلة الأربعة، إذا لم يتم كل واحد منها في نفسه - وإن كانت تامة فعلا - إلا أن جمعها وضم بعضها إلى بعض يمكن أن يكشف عن حقيقة (جزئية البسملة) للقرآن الكريم، بحيث يحصل لدينا الوثوق والاطمئنان بذلك.
سبب اختلاف الرأي في (البسملة):
إن كل المؤشرات الموجودة في الروايات والنصوص التأريخية التي تتحدث عن سلوك وتصرفات المسلمين في الصدر الأول للإسلام تدل على أن (البسملة) هي جزء من كل سورة عدا سورة (براءة)، ولا يوجد أي مؤشر يعتد به يدل على العكس، عدا فتوى بعض علماء الإسلام الصادرة في عصور متأخرة عن عصر