الثاني - البسملة شعار إسلامي:
إن البسملة انما تكررت في القرآن الكريم لأنها تمثل شعارا للمسلمين لا مجرد أدب يتأدبون به، بل ليتميزوا بها عن غيرهم ولتصبح معلما من المعالم التي تتصف وتتشكل بها حياتهم شأنها في ذلك شأن السلام، والصلاة، وما شابههما...
وعلى أساس هذا الفهم يصبح من الواضح تفسير ظاهرة التكرار، لأن طبيعة الشعار تفرضه، وبدون التكرار لا يتخذ الموضوع المعين شكل الشعار.
ولعل هذا التفسير هو الارجح لهذه الظاهرة، وتؤيده مجموعة من القرائن والمؤشرات والتي قد يمكن المناقشة في كل واحدة منها على حدة، إلا أنها بمجموعها تعطي اطمئنانا وركونا إلى كون البسملة شعارا من الشعارات الإسلامية، ومن هذه القرائن:
أولا: الروايات الواردة في استحباب الجهر بالبسملة حتى في الصلوات التي يجب فيها الإخفات في القراءة كالظهر والعصر، بل ورد التعبير في بعضها بلفظ (الوجوب) لتأكيد رجحانها بحيث يكون شأنها شأن الواجب.
إن اختصاص الجهر بالبسملة سواء كانت الصلاة جهرية أو اخفاتية لا تفسير له - حسب الظاهر - إلا أن يكون المراد منها أن تكون شعارا للمسلمين، وإلا فإن الأدب الإسلامي يتحقق بمجرد النطق بالبسملة دون حاجة إلى الجهر بها.
عن صفوان الجمال قال: " صليت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) أياما فكان إذا كانت الصلاة لا يجهر فيها جهر في بسم الله الرحمن الرحيم وكان يجهر بالسورتين معا " (1).