وهكذا الحال بالنسبة إلى (المنعم) إذ بلحاظ أن المنعم يسد حاجة المنعم عليه ويحسن له احسانا يغير حاله من حال إلى آخر باتجاه الكمال، فقد استخدمت كلمة (الرب) فيه بمعناها الأصلي، أي (المربي).
وعلى هذا فهل المراد من (رب) في قوله تعالى: * (رب العالمين) * مبدؤها الاشتقاقي، فيكون المعنى (مربي العالمين) ومغير حالهم باتجاه الكمال؟
أو يراد منها المعنى الآخر الذي انتقلت إليه من خلال استخدامها في (الإله) فيكون قوله تعالى مرادفا لعبارة (إله العالمين)؟
والظاهر أن كلا الاحتمالين صحيح في نفسه وإن كنا نرجح الاحتمال الأول باعتبارين:
الأول: إن أصلها الاشتقاقي هو (التربية)، ولا يبعد أن يكون المراد من استخدامها هو الإشارة إلى هذا الأصل الاشتقاقي، أي أنه يراد منه الإشارة إلى الذات المقدسة من خلال صفة من صفاتها. وهذا ينسجم مع طريقة القرآن الكريم في التعبير عن الذات الإلهية من خلال الأسماء الحسنى لها وصفات الكمال والفيض الإلهي.
الثاني: إن الاحتمال الأول لا يؤدي بنا إلى التكرار الذي ينتج عن تفسير الرب بالإله على الاحتمال الثاني، إذ يكون التقدير على الاحتمال الثاني (الحمد لله إله العالمين) ودلالة (الله) على الإله واضحة.
4 - العالمين:
عالم كخاتم وطابع، تدل في هيئتها على ما يعلم به، فكأن هيئتها هيئة تدل على الآلة، فالخاتم آلة لما يختم به، والطابع لما يطبع به، والعالم لما يعلم به (1).