الكتب السماوية، فالإنسان يكون بحاجة - وبعد كل تلك الهدايات - إلى رعاية ورحمة من الله وتوفيق خاص للوصول إلى هدفه الأسمى، وهو ما يطلبه من الله سبحانه وتعالى من خلال دعائه إياه في المقطع الثالث من السورة الشريفة، وهذا الطلب في الوقت الذي يعبر عن نزعة الإنسان نحو الكمال، يعبر أيضا عن شعوره بالحاجة إلى الهداية الإلهية، فيكون ذلك مصداقا من مصاديق الاستعانة في قوله تعالى: * (وإياك نستعين) *.
ثالثا - الطابع الفطري للسراط المستقيم:
إن القرآن الكريم وصف هذا الهدف الذي يطلبه الإنسان بالسراط المستقيم، وسوف نتحدث في أحد الموضوعات الآتية عن المقصود بالسراط المستقيم مصداقا ومعنى، كما أن القرآن يحدد في هذا المقطع الشريف أبعادا ومواصفات لهذا الصراط المستقيم، ولكن الملاحظة التي نريد أن نشير إليها هنا نقطة ترتبط بالأسلوب القرآني الذي يحتاج إلى بحث مستقل، وهذه النقطة هي أن القرآن الكريم يستخدم بشكل عام ألفاظا وصفات ومصطلحات تتجاوب مع فطرة الإنسان وتكون محببة لديه من أجل تعميق المعاني القرآنية في النفس البشرية، من قبيل لفظ (الوسط) في قوله تعالى: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس...) * (1)، و (العدل) و (الإحسان) في قوله تعالى: * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى...) * (2)، و (القسط) في قوله تعالى: * (... وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين) * (3)، إلى غير ذلك من الألفاظ المحببة لدى الإنسان وتتجاوب