وحينئذ، لا يكون قولنا بأن مثل هذه العقيدة تشكل قرينة على فهم القرآن قولا غير منطقي لأننا لا نفرض شيئا على القرآن من خارجه، بل أخذناه منه وجعلناه قرينة على فهمه.
أما عندما تكون العقيدة المتبناة ليست مستنبطة من القرآن الكريم بل من أدلة وبراهين أخرى غير مرتبطة به، فإضافة إلى أن هذه العقيدة قد لا تكون صحيحة بنفسها فإنها لا تصلح لأن تكون قرينة على فهم القرآن، بل تكون تفسيرا له بالرأي، خصوصا مع الأخذ بنظر الاعتبار أن مجمل الموضوعات المرتبطة بالمعارف الإسلامية موجودة في القرآن الكريم، ومنها ما ارتبط بجانب العقيدة كمفاهيم التوحيد والنبوة بمعناها الشامل أي (الإمامة)، وكذلك عالم الغيب والدار الآخرة وحياة الإنسان وحركته الاجتماعية والتكاملية والسنن المؤثرة في تطوره، إذ لا يمكن أن نفترض أن هناك فكرة لها ارتباط في حياة الإنسان ومصيره، ومن ثم لها علاقة بفهم أعظم نص وهو القرآن الكريم لا تكون موجودة فيه، بل لا بد وأن تكون مثل هذه الأفكار موجودة فيه، ويمكن استنتاجها منه وبشكل طبيعي، لقوله تعالى:
* (... ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ...) * (1).
ولأن هذا هو معنى كون القرآن هداية للناس، وحينئذ فإن ما اخذ من هذه المفاهيم من القرآن نفسه يمكن أن يشكل قرينة وخلفية ذهنية لفهمه.
التدبر والتفسير بالرأي:
ومن خلال هذا الفهم للتفسير والخلفية الذهنية التي يجب أن يتمتع بها المفسر،