4 - إن الله سبحانه وتعالى الذي أودع في الإنسان مختلف الغرائز والاحاسيس قد خلق له في هذا الكون ما يشبعها بصورة صحيحة وشرع له من القوانين والاحكام ما يحقق له ذلك وبما ينسجم مع حركته التكاملية.
المحنة طريق التكامل:
وإذا جمعنا هذه الحقائق الأربع بعضها إلى الآخر يمكن أن نستنتج بأن الأقسام الثلاثة للآلام والمحن السابقة ليس فيها ما يتنافى مع الرحمة الإلهية.
فما ينبع منها من داخل الإنسان نتيجة لتفاعل غرائزه مع الخارج ما هو في الواقع إلا طريق لتكامله ورقيه، فهو إذن طريق الرحمة الإلهية لا النقمة والعذاب. وهذا من قبيل ما يعانيه الطالب من التعب والجهد والمعاناة لكي يصل إلى هدفه الذي يمثل تكاملا ورحمة له.
وأما الآلام والعذابات التي يتعرض لها الإنسان بفعل الظواهر الكونية أو من خلال الآخرين كالطغاة والجبابرة فهي بالنسبة إلى الإنسان المؤمن الذي تنسجم إرادته مع الإرادة التشريعية (حالة التقوى) نوع من أنواع الامتحان والاختبار لإرادته وبلورة واظهار لخصائصه وصفاته، حيث يؤدي به ذلك إلى التكامل والتطور ولا يكون على خلاف الرحمة الإلهية تماما كما هو في القسم الأول.
ولذا ورد في الحديث الشريف المتواتر: ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل (1).