إلى نفسه المشتمل بالاستلزام دعوى على الاستقلال في الوجود والقدرة والإرادة مع أنه مملوك والمملوك لا يملك شيئا، فكأنه تدورك ذلك بقوله تعالى: * (وإياك نستعين) *، أي انما ننسب العبادة إلى أنفسنا وندعيه لنا مع الاستعانة بك لا مستقلين بذلك مدعين ذلك دونك، فقوله: * (إياك نعبد وإياك نستعين) *، لإبداء معنى واحد وهو العبادة عن اخلاص " (1). ويكون متعلق الاستعانة هو العبادة نفسها، فكأن المعنى حينئذ يكون إياك نعبد وإياك نستعين بعبادتك، على تقدير أن متعلق (نستعين) محذوف وهو (العبادة) ونستدل عليه بقرينة الجملة السابقة.
وبهذا يمكن دفع اشكال من يقول بان (الاستعانة) قد تحصل بغير الله ولا مانع منها شرعا، إذ العبد هنا لا يقول * (إياك نعبد) * دون قيد أو شرط فتكون العبادة مطلقة، بل يقول * (وإياك نستعين) * بعبادتك وتدل حينئذ * (إياك نستعين) * على حصة خاصة من الاستعانة لا الاستعانة المطلقة.
وهذا المطلب وإن كان في نفسه صحيحا أيضا ولكنه خلاف الظاهر، إذ إن افتراض وجود متعلق ل * (إياك نستعين) * وهو (العبادة) دون افتراض وجود متعلق ل * (إياك نعبد) * وهو (الاستعانة) لا مبرر له وذلك لان كلا منهما مطلق وعلى حد واحد ومدلول واحد، فإذا صح أن يكون اللاحق قرينة على السابق صح العكس أيضا.
الرأي المختار:
ولعل الجواب الصحيح هو: أن الآية المباركة تدل على أن المقصود من