وأما العبادة هنا فلها مضمون آخر اختياري، فعندما تتطابق هذه العبادة مع الحكم الشرعي تصبح طريقا أساسيا لتحقيق هذا التكامل.
وبهذا يمكن أن نفهم ضرورة أن تكون العبادة (توقيفية) حتى تتطابق مع الحكم الشرعي، لأن الشارع المقدس وقف العبادة على صيغ معينة وإطارات معينة لا يصح للإنسان أن يتعداها ولا يكفي الاختيار في تحقيق التكامل ما لم تكن العبادة وفق الصيغ الشرعية، وإلا كانت بدعة وتكون سببا لانتكاسة الإنسان في مسيرته.
ثالثا - معطيات الأسلوب القرآني:
وأما فيما يتعلق باستخدام القرآن الكريم لصيغة الخطاب المفرد والمتكلم الجمع * (إياك نعبد) * ولم يقل (إياكم نعبد) أو (إياكم أعبد) أو (إياك أعبد) فاستخدم ضمير المفرد المخاطب لله تبارك وتعالى، وهيئة فعل المضارع الدال على الجمع للعبد، فإن بالإمكان استخلاص مجموعة من الخصوصيات من هذا الاستخدام قد توضح بصورة أكبر ما أشرنا إليه من معنى في * (إياك نعبد) *، ومن هذه الخصوصيات:
1 - إن ضمير المخاطب المفرد (إياك) يدل على الإخلاص والتوحيد في العبودية مع التعبير عن حالة الحضور، حيث إن ضمير الجمع قد يوهم الشرك والتعدد، وإن كان يستخدم لتعظيم الفرد - أحيانا - ولكن العبادة بنفسها غاية في التعظيم والتقديس، فهو مدلول عليه بمفهوم العبادة ومن خلال مادتها اللغوية.
وقد أشار القرآن الكريم إلى مسألة التوحيد في العبودية، أي (الإخلاص) وجعلها العنصر الأساس في قدرة الإنسان على الوصول إلى الدرجة العالية من التكامل.