الثاني - * (غير المغضوب عليهم) *:
الغضب: " ثوران دم القلب إرادة للانتقام، ولذلك قال (عليه السلام): (اتقوا الغضب فإنه جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم، ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه) (1). وإذا وصف الله تعالى به، فالمراد الانتقام دون غيره " (2) إذ لا يتصور ثوران الدم في الذات الإلهية، فالغضب - إذن - الإرادة القوية للانتقام.
وقد ذكرت عدة احتمالات في مصداق * (المغضوب عليهم) *، فأورد الجرجاني ما أورده في * (أنعمت عليهم) *، وقال آخرون بأن القرآن الكريم أراد أن يحدد مفهوم السراط المستقيم من خلال بيان المصاديق الخارجية الإيجابية (مصاديق المنعم عليهم) والسلبية التي منها (مصاديق المغضوب عليهم)، وحينئذ قالوا بأن المراد منهم (اليهود) بقرينة بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن نزول الغضب الإلهي على اليهود، مثل قوله تعالى: * (... وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله...) * (3)، وأضاف إليهم بعض آخر (المشركين والمنافقين) لهذه القرينة، حيث وردت في القرآن الكريم الإشارة إلى نزول الغضب على المنافقين والمشركين أيضا، مثل قوله تعالى: * (ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا) * (4).