إليها من خلال زاويتين وبعدين رئيسين هما بعد علاقة كل من الطرفين في علاقته مع الآخر، أي بعد علاقة (أ) مع (ب)، وبعد علاقة (ب) مع (أ)، لان نسبة أحدهما إلى الآخر قد تكون متكافئة كما في علاقة (الاخوة) بين شخصين، وقد تكون مختلفة كما في علاقة (الأبوة) و (البنوة) بين شخصين آخرين، حيث تكون الأولى مجسدة لبعد من العلاقة والاخرى مجسدة لبعد آخر من تلك العلاقة نفسها.
والعلاقة بين الله تعالى والعبد من النوع الثاني، حيث يمثل البعد الأول فيها علاقة (الإلوهية)، والبعد الثاني علاقة (العبودية) وذلك لاختلاف حقيقة كل منهما عن الآخر.
وقد تعرض المقطع الأول لهذه السورة المباركة إلى تشخيص طبيعة علاقة الله بالعبد من بعدها الأول (الإلهي) وحدد لها مجموعة من الخصوصيات هي:
الأولى - الحسن الاختياري في خلق الإنسان:
وفي كل فعل يصدر منه تعالى تجاه العبد أو تجاه غيره من الموجودات، ويتضمنها قوله تعالى: * (الحمد لله) * في مقام مدحه والثناء عليه عز وجل و (الحمد) - كما عرفنا - يكون مدحا لأمر إذا كان (حسنا) وصادرا عن (إرادة واختيار). وهذا الامر ثابت في حقه تبارك وتعالى، إذ خلق كل شئ وأحسن خلقه وجعله متناسبا ومتناسقا ومنظما، وقد أكد القرآن الكريم هذا المعنى تجاه الخلق بشكل عام وتجاه الإنسان بشكل خاص.
قال تعالى:
* (الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين) * (1).