وقد تضمن هذا المقطع الشريف كلا الحالتين، فمن خلال قوله تعالى * (الرحمن الرحيم) * ينفتح أمام الإنسان باب الرجاء برحمة الله عز وجل الواسعة والمستمرة والثابتة، ومن خلال قوله تعالى * (مالك يوم الدين) * يعيش الإنسان حالة الخوف من يوم الإلزام والقهر الذي سيعامل فيه من خلال العدل الإلهي.
وحينئذ لن يعتمد الإنسان على رحمة الله اعتمادا يؤدي به إلى الإهمال أو التمرد أو المعصية، ولا يكون خائفا منه خوفا بحيث يجعله في موقع اليأس من روح الله، والقنوط من رحمته.
الثاني - الاهداف العقائدية:
يمكن أن نستخلص مجمل العقائد الإسلامية المهمة والأساسية من خلال هذا المقطع القرآني الصغير ومنها:
1 - أن الله تبارك وتعالى هو خالق كل شئ (مبدأ كل شئ) وهذه هي فكرة الإيمان بالله وتوحيده، وأن هذا الخلق يتصف بالحسن والجمال والكمال، وهي الفكرة العقائدية الأولى في العقيدة الإسلامية.
2 - أن الله المهيمن على مسيرة الإنسان يرعى هذه المسيرة بالتربية باتجاه التطور والتكامل * (رب العالمين) * وبذلك تنبثق الفكرة الثانية في العقيدة الإسلامية وهي فكرة الرسالات الإلهية التي جاءت لهداية الناس وتربيتهم وتزكيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة، كل ذلك انطلاقا من علاقة الرحمة الإلهية بالإنسان.
3 - أن هذه الرحمة الإلهية محدودة بالعدل الإلهي الذي أعد الدار الآخرة للإلزام والقهر والجزاء والحساب، وهذه هي الفكرة الثالثة الأساسية في العقيدة الإسلامية، وهي فكرة الدار الآخرة.