غير ظاهره، إذ لم تكن الروايات التي ذكرنا بعضها في تقسيم العبادة إلى أصناف ثلاثة في مقام تقسيم كل عبادة في الدنيا، وإلا فهي لم تتعرض لعبادة الأصنام والشهوات والطغاة مثلا، بل هي إذن في مقام تقسيم كل عبادة حقة وصحيحة عرفتها البشرية، غير أن لهذه العبادة الصحيحة درجات بعضها أسمى وأرفع من الآخر.
وفي ذيل الرواية الأولى ما يشير إلى ذلك، إذ عبر عن عبادة الأحرار بأنها أفضل العبادة وليست هي الصحيحة المتعينة قبالة العبادة الأخرى الباطلة المنهي عنها.
ويؤكد هذه الحقيقة مجمل الآيات الشريفة التي تعرضت لقضية العبادة في القرآن الكريم والتي تشير إلى أن عبادة الله خوفا وطمعا من العبادات الصحيحة التي دعا القرآن الكريم إليها أيضا، قال تعالى:
* (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا...) * (1).
والدعاء هنا بمعنى الصلاة، لان الصلاة دعاء بحسب مفهومها العام.
* (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا...) * (2).
وفي الآية إشارة - والله أعلم - إلى تلك العبادة الصلواتية التي يمارسها عباد الله ليلا.
* (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) * (3).