الاستعانة هنا هو الاستعانة المطلقة.
ولأجل معرفة ما هو المقصود بالاستعانة المطلقة هذه لا بد من الرجوع إلى معنى طلب العون من الله عرفا، إذ يفهم منه طلب الأمر الذي لم يضعه الله تعالى تحت قدرة الإنسان واختياره.
وحينئذ فالاستعانة بهذا المعنى وبشكل مطلق تكون منحصرة به سبحانه وتعالى.
وتوضيح ذلك: أن الأشياء التي يواجهها الإنسان في حياته على ثلاثة أشكال:
الأول: ما يكون واقعا تحت اختياره وارادته بالقرار الإلهي في النظام الكوني والمطلوب منه أن يبذل جهده وامكاناته لتحصيله، وهذا مثل الأشياء التي هي أفعاله الاختيارية الواقعة تحت إرادته واختياره بإذن الله وإرادته حيث شاء الله وتعلقت الإرادة الإلهية أن يكون الإنسان مختارا.
الثاني: ما يكون واقعا تحت إرادة الآخرين من الناس أو وضع من قبل الله تعالى ضمن النظام التكويني بحيث يستعين به الإنسان لسد حاجاته كما هو الحال في الوسائل المادية أو العلاقات التكوينية، حيث يستعين بسد جوعه بالاكل ويرفع عطشه بشرب الماء ويدفع البرد باستخدام النار، أو باستخدام الآخرين لسد حاجاته بالقهر أو الإرادة كاستخدام العمال والاجراء أو الأصدقاء، وهذا أيضا هو تحت الإرادة الإلهية المطلقة، ولكن عن طريق هذا النظام الكوني.
الثالث: الأشياء التي تكون خارجة عن قدرة الإنسان وإرادته وعن حدود النظام الكوني، وهي في نفس الوقت تحت القدرة الإلهية المطلقة الشاملة لجميع الموجودات: