وأما ما يتعرض له الظالم من العذاب والنقمة فإن هذا وإن لم يكن من أجل تكامله ولكنه من صنع يده فلا يكون منافيا للرحمة الإلهية، فقد رسم الله تبارك وتعالى طريق التكامل للإنسان وجعل كل نظام الكون منسجما مع إرادته ومكنه مما يسد به حاجاته ورغباته بصورة صحيحة وهذا هو تمام الرحمة الإلهية، ثم بعد ذلك إذا تمرد على كل هذا فإنه يتعرض للعذاب والعقاب بصنع يده، قال تعالى:
* (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس...) * (1).
* (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك...) * (2).
وقد يعم البلاء كل المجتمع تبعا لنزوله على الظالمين فيه، وفي ذلك تنبيه واشعار إلى أن عدم الأخذ على يد الظالمين من قبل الأمة يجعلها في معرض نزول العذاب عليها كعقوبة طبيعية على الظلم والانحراف، ويكون هذا بسببها وغير مناف لرحمة الله سبحانه، قال تعالى:
* (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة...) * (3).
وخلاصة القول: إن ما يعانيه الإنسان من الآلام والعذاب في الحياة الدنيا إما أن يكون سببا لتكامله ورقيه ومن ثم فهو رحمة له ونعمة عليه، أو يكون من صنع يده فيكون عقوبة منه تعالى ولا تكون منافية لرحمته تبارك وتعالى، وإنما يكون تعبيرا عن عدله.