على تفسيرها بمجرد (الذلة والخضوع) فضلا عن (الطاعة والشكر) بأن فعلي:
(خضع) و (ذل) لازمان غير متعديين فيقال: خضع لله وذل لله، بينما (عبد) فعل متعد فيقال: " عبد الله تعالى " مما يدل على أن في جوهر العبادة خصوصية اقتضت ذلك ولو وجدت في (خضع) و (ذل) لتعديا أيضا، نعم الذل والخضوع من الآثار المترتبة على المملوكية، وحينئذ يكون من فسر العبادة (بالذل والخضوع) قد فسر السبب الذي هو المملوكية بالمسبب فقط الذي هو الذل والخضوع لأنهما لازمان للملوكية ومسببان عنها، وهذا كثير في اللغة.
ومن خلال مراجعة الموارد التي استخدمت فيها مادة (العبادة) في القرآن الكريم وكتب اللغة يمكن أن نفهم أن المراد من (العبادة) هو اظهار الخضوع والذلة مع التقديس فتأخذ خصوصية (التقديس) كعنصر أساسي في مفهوم العبادة لا مجرد الخضوع والذل في نفسه، وبتعبير آخر: هي (الخضوع للشئ مع التقديس) بحيث يكون المركب من (الخضوع) و (لام التعدية) هو المساوي لمفهوم (العبادة).
قال الراغب: " العبودية اظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها... " (1).
فمفهوم مادة (خضع) إذن من المفاهيم الإضافية (كالتعظيم) و (الاحترام) التي لا بد أن يفترض فيها وجود من يخضع له ومن يعظم ومن يكون محترما.
وهذه المفاهيم الإضافية تارة يوضع لها لفظ بما هي حالة وصفة قائمة بالشئ من دون ملاحظة النسبة والإضافة والمضاف إليه كما في لفظ (الخضوع) و (الذل) ولذا لا يتعدى، واخرى يفترض أن هذا المفهوم قد وضع له لفظ مع ملاحظة نسبة الإضافة والطرف الآخر فتدخل هذه النسبة كعنصر في المفهوم الموضوع له اللفظ