هو عملية التغيير الاجتماعي، وباعتبار أن القرآن الكريم هو المجسد للنظرية الإسلامية، فلذا سيكون هذا الهدف هو الهدف الأساسي للنظرية الإسلامية أيضا.
ثانيا: إن التغيير الذي يستهدفه القرآن الكريم هو تغيير سلوك الإنسان وعلاقاته والمحتوى النفسي والروحي له باتجاه الكمال المطلق المتمثل بالله تبارك وتعالى لا تغيير الطبيعة من حوله وعلاقتها به.
فتكامل الإنسان - الذي هو في النظرية الإسلامية أفضل مخلوق لله تعالى - لا يتحقق إلا من خلال تكامل سلوكه، ومن هنا لا بد من معرفة الأمور المؤثرة في سلوك الإنسان والتي تغيره اما باتجاه الكمال والسمو أو النقصان والانحطاط.
ثالثا: يوجد في الواقع - وكما يفهم من خلال ما تطرحه النظرية الإسلامية - مؤثرات أساسية في عملية التغيير هذه:
أولها: مجمل الرؤى والتصورات التي يحملها الإنسان عن الواقع، وهو ما نعبر عنه بالمفاهيم أو المدركات العقلية التي يكونها الإنسان عن الكون والحياة، فإدراك الإنسان وإيمانه بوجود الله تبارك وتعالى وأنه واحد لا شريك له سبحانه وتعالى، وهو أصل الوجود والصفات الكمالية التي يتصف بها سبحانه، وأن إليه المصير، وأن هناك حياة أخرى بعد هذه الحياة الدنيا إليها معاد الإنسان، وفيها حساب وثواب وعقاب، وأن لمسيرة الإنسان مبدأ ومنتهى، وأن هناك سننا مؤثرة في هذه المسيرة، وادراكه للحسن والقبح والعدل والظلم... كل هذه المدركات والتصورات تؤثر بطبيعتها على سلوك الإنسان وتغيره.
وقد أكد القرآن الكريم كثيرا هذه الرؤى والمدركات فخاطب العقل فيها باعتباره مصدرها والذي يعتبر الطريق السليم لإدراك الصحيح منها إذا لم يكن يعتريه جهل أو مرض.