منعوتا بنعته تعالى مقصودا لأجله سبحانه، فلا يكون العمل هالكا باطلا مبترا، لأنه باسم الله الذي لا سبيل للهلاك والبطلان إليه، وذلك أن الله سبحانه وتعالى يبين في مواضع من كلامه: أن ما ليس لوجهه الكريم هالك باطل وأنه سيقدم إلى كل عمل عملوه مما ليس لوجهه الكريم فيجعله هباء منثورا، ويحبط ما صنعوه ويبطل ما كانوا يعملون وأنه لا بقاء لشئ إلا وجهه الكريم، فما عمل لوجهه الكريم وصنع باسمه هذا الذي يبقى ولا يفنى، وكل أمر من الأمور انما نصيبه بقدر ما لله فيه نصيب، وهذا هو الذي يفيده ما رواه الفريقان عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر "، والابتر هو المنقطع الآخر، فالأنسب أن متعلق الباء في البسملة، ابتدى - بالمعنى الذي ذكرناه - فقد ابتدأ به الكلام بما أنه فعل من الافعال " (1).
ونحن وإن كنا نقر بوجود ما ذكره العلامة (قدس سره) في باب الابتداء والتسمية في حياة الناس، إلا أننا نرى أن ما جاء في (البسملة) لا ينسجم مع ما ذكره (قدس سره) في باب (التسمية)، بل هو من قبيل ما ذكره في باب الابتداء خاصة.
وعلى كل حال، فإن البحث في تقديري (الاستعانة) و (الابتداء) قد يقودنا إلى إمكانية الجمع بينهما في جامع واحد يتمثل في قضية (ربط العمل بالله تبارك وتعالى)، فعندما يقول الإنسان * (بسم الله الرحمن الرحيم) *، فكأنه يريد أن يقول:
إنني أربط هذا العمل بالله الرحمن الرحيم، ولعل حذف الفعل هنا وجعله مقدرا هو من أجل إعطاء أفق أوسع لعملية الربط هذه التي اخذ في مجملها قضية الشكل والصورة، بحيث يكون فعل العبد متسما أو موسوما أو ساميا بالله من حيث كون