- والله أعلم - إضمار الفعل وتقديره أوضح في إبراز الاهتمام بالحالة الشكلية لقضية الاستعانة بالله تبارك وتعالى على فرض اهتمام (البسملة) بتجسيدها خارجا من خلال فعل العبد، ولو قال " أستعين بالله... "، لاتجه الاهتمام حينئذ إلى مضمون قضية الاستعانة أكثر مما يتجه إلى شكلها وصورتها لتكون شعيرة.
وهناك أمثلة عديدة تدل على ذلك في حياتنا العملية، من قبيل افتتاح المشاريع التي يتم افتتاحها بالنيابة عن الآخرين، إذ يقول النائب: " باسم فلان نفتتح كذا... " مبرزا الاسم لاظهار جانب شكل وصورة الفعل على أفضل وجه.
هذا كله بناء على التقدير الأول، وأما إذا افترضنا أن المقدر هو مادة (الابتداء) فإن بالإمكان تقرير المعنى نفسه الذي قررناه في تقدير (الاستعانة) وحينئذ يكون المراد من الآية المباركة تربية الإنسان المسلم على أن يجعل الله تبارك وتعالى واسمه شعارا له في كل أعماله بحيث يبتدئها به.
وقد قرب العلامة الطباطبائي (قدس سره) هذا المعنى بتقريب هو: " أن الناس ربما يعملون عملا أو يبتدئون في عمل ويقرنونه باسم عزيز من أعزائهم أو كبير من كبرائهم ليكون عملهم ذاك مباركا بذلك متشرفا به أو ليكون ذكرى يذكرهم به، ومثل ذلك موجود أيضا في باب التسمية، فربما يسمون المولود الجديد من الإنسان أو شيئا مما صنعوه أو عملوه كدار بنوها أو مؤسسة أسسوها باسم من يحبونه أو يعظمونه ليبقى الاسم ببقاء المسمى الجديد، ويبقى المسمى الأول نوع بقاء ببقاء الاسم كمن يسمي ولده باسم والده ليحيي بذلك ذكره فلا يزول ولا ينسى.
وقد جرى كلامه تعالى هذا المجرى فابتدأ الكلام باسمه عز اسمه، ليكون ما يتضمنه من المعنى معلما باسمه مرتبطا به، وليكون أدبا يؤدب به العباد في الأعمال والافعال والأقوال، فيبتدئوا باسمه ويعملوا به، فيكون ما يعملونه معلما باسمه