الأموات بوجه آخر، * (فأحياكم) * في النشأة الظاهرة، إما بخروجكم أحياء عن الأمهات، أو بصيرورتكم أحياء فيها بعد ولوج الروح في أبدانكم.
* (ثم يميتكم) * بانتفاء آثار الحياة الاجتماعية التي كانت لكم، وبانتفاء النمو والحركة الكمية، وبانتفاء كثير من الآثار الحياتية التي كانت تدور عليها حياتكم الدنيوية، فتكون إماتتكم أيضا من المجاز لا الحقيقة، * (ثم يحييكم) * بظهور آثار الحياة فيكم أكثر مما كانت وأوفر وأضعف وأشد وأبرز * (ثم إليه ترجعون) * على المجاز لا الحقيقة، لأن الكل على الدوام في الرجوع إلى الله ولا يختص ذلك بالحركة الأخيرة، ولا رجوع إليه حتى يتوهم التجسم والتحدد، فالرجوع إليه بالمعنى الخاص من المجاز، لا الحقيقة.
وقريب منه: * (كيف تكفرون بالله) * وهذا توبيخ لكم وتثريب عليكم وعار، ولا تستحيون من ذلك بعد تلك البراهين الناهضة على التوحيد والرسالة وذلك الإعجاز الخالد، فبعد اللتيا والتي كيف تكفرون بالله * (و كنتم أمواتا) * في شبه جزيرة العرب، لا تأكلون إلا كأكل الانعام، ولا تعيشون إلا كعيشة الوحوش، وهذا تاريخ حياتكم بين أيديكم، فكنتم محرومين عن كافة مزايا الاجتماعيات، والحضارات المدنية، الموجودة في تلك الأعصار في الأمصار البعيدة عن قطر كم ومنطقتكم.
* (فأحياكم) * بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حياة طيبة لا عار فيها ولا مذلة، فصرتم ذات المعيشة الحديثة بأحسن تقويم وأقوم تحسين حتى نلتم المزايا العالمية وخلفتم وراء ظهوركم الامراء والسلاطين، وبلغتم من السعادة الإنسانية غايتها، ومن الفضائل الروحية نهايتها ومن المحسنات الخلقية آخرها، فهل