ولأنا نعلم حيا يصح منه التصرف في الجهات وحمل الثقيل وحيا لا يصح منه ذلك فيجب أن يكون من صح منه الفعل على صفة ليست حاصلة لمن تعذر عليه لولا ثبوتها له وانتفاؤها عن الآخر لصح الفعل منهما معا أو تعذر عليهما ومن كان على تلك الصفة سماه أهل اللغة العربية قادرا، وقلنا إنه فاعل لعلمنا بوجوب وقوع التأثيرات المتعلقة بحسب أحواله من قصوده وعلومه وقدره (1) ولو كانت فعلا لغيره لجاز أن يقصد الذهاب يمنة فيقع يسرة، ويقصد إلى الكتابة فيقع البناء، ويقع الكتابة من الأمي ويتعذر على القادر العالم بها، ويصح حمل الثقيل في الضعيف ويتعذر الخفيف على الأيد القوي، والمعلوم خلاف ذلك.
وأيضا فمن المعلوم توجه المدح والتعظيم إلى من تعلق به التأثير الحسن، والذم والاستخفاف إلى من تعلق به التأثير القبيح، والذم والاستخفاف والمدح والتعظيم توابع لحدوث الفعل على وجه الحسن أو القبح (2) فيجب تعلق صفتي الحسن والقبح (3) بمحدث الحسن والقبيح (4) لاستحالة تعلقهما بغيره.
ولأنا نعلم قبح مدحه أو ذمه على خلقه وهيأته، فلو كان حكم التأثيرات حكمها لقبح مدحه وذمه على شئ منها كقبحه على صورة وبناء (5)، واختلاف (6) الحال دليل واضح على تعلق التأثيرات بقدوره (7) وتعلق خلقه بالقديم سبحانه.