البنية فيما يحتاج من التكاليف إليها كاليد والرجل واللسان والأذن، وإقداره على تحصيل ما يحتاج الفعل إليه من الآلات كالسيف والقوس، وتبقيته إلى أن يؤدي أو يمضي من الزمان ما يصح فيه الأداء كالحج، أو تكميل العلم كالمعارف، وفعل العلم فيه بحيث (1) لا مصلحة بكون العلم مكتسبا كالعلم الأول بوجوب الصدق والانصاف وقبح الكذب والظلم، وتكليفه تحصيل العلم بما لا يقوم فعله سبحانه فيه مقام اكتسابه في التوحيد والعدل، وإقداره على فعل السبب المولد له وهو النظر، وتبقيته الزمان الذي يصح فيه اكتساب العلوم، ووقوف تكليفه على كونه مخيرا غير ممنوع ولا ملجأ، واستصلاحه بما يدعوه إلى الحسن ويصرفه عن القبيح من غنى أو فقر أو سقم، وبيان ما له هذا الحكم من فعله كالرئاسة بالنبوة أو الإمامة والشرائع، لأن تكليفه من دون التمكين تكليف ما لا يطاق، ومن دون اللطف قبيح، من حيث كانت علة المكلف غير مزاحة، وقبح منعه كمنع التمكين.
يوضح ذلك أن من صنع طعاما لقوم يريد حضورهم إحسانا إليهم فعلم أو ظن أنهم لا يأتون إلا برسوله فلم يرسل إليهم مع اقامته على إرادة الحضور يستحق الذم كما لو أغلق الباب من دونهم، فإذا كان القديم سبحانه مريدا بالتكليف نفع المكلف وعلم سبحانه أنه لا يختاره إلا أن يفعل فعلا أو يفعل هو فعلا وجب عليه أن يفعل سبحانه ما يختص به ويبين للمكلف ما يختص بمقدوره كما يجب في حق التكليف تمكين المكلف، لثبوت صفة القبح في منع اللطف كثبوتها مع منع التمكين.
وبرهان حسن التكليف كونه تعريضا لنفع لا يحسن الابتداء به، والتعريض