قادرا على كل ما يصح كونه مقدورا، والقبيح من جملة المقدورات بغير شبهة فيجب أن يكون قادرا عليه.
وأيضا فإن صفة القبح وجه للفعل كالحسن (1) وليس بجنس فيجب لكونه تعالى قادرا على سائر الأجناس أن يكون قادرا على وجوهها التي يحدث عليها.
ومنع النظام (2) من كونه تعالى قادرا على القبيح لما يؤدي إليه من الجهل أو الحاجة المستحيلين عليه سبحانه أو انقلاب دلالة القبيح.
وذلك فاسد كاشف عن جهله بكون القديم سبحانه قادرا لنفسه، إذ لو علم ذلك وكونه مقتضيا للقدرة على كل ما يصح كونه مقدورا مع علمه بكون القبيح مقدورا للعباد لم ينف كونه تعالى قادرا على القبيح.
وكذلك لو علم أن من حق القادر على الشئ أن يكون قادرا على جنس ضده مع علمه بأنه قادر على الحسن (3) لم ينف كونه قادرا على القبيح، جنسا كان القبح (4) أو وجها. وهذا يدل على جهله بالتوحيد والعدل.
فأما شبهته فمبنية على فرض وقوع القبيح، وذلك بناء فاسد لأنه سبحانه لا يفعل شيئا إلا لداع مقصود، لاستحالة السهو والعبث عليه، ولا داع إلى القبيح إلا الحاجة وهي مستحيلة فيه سبحانه، فلم يبق له داع إليه فاستحال منه فعله وإن كان قادرا عليه، وسقط لذلك تقدير النظام.