وقال في الإباحة: " كلوا من طيبات ما رزقناكم " (1) " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (2) " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " (3)، وذلك مانع من كون الحرام رزقا، إذ من المحال أن يكون ما تمدح سبحانه بفعله ومدح على التصرف فيه وأباح تناوله، وهو (4) ما كرههه ونهى عنه وتوعد عليه وتبعد عقلا وسمعا بالمنع من التصرف فيه، وكل شئ يوصف بأنه رزق يوصف بأنه ملك وما لا يوصف بأنه رزق لا يصح أن يوصف بملك، لا يصح أن يقال فلان مالك لكذا مع العلم بأنه غاصب له، وإنما يوصف بملك ما يصح أن يتصرف فيه من غير منع وذلك معنى الرزق.
والرخص من قبله تعالى إذا كانت أسبابه من فعله تعالى بتكثير الغلات أو الثمار أو إماتة الخلق أو تقليل شهواتهم إلى المبيع، لاختصاص هذه الأمور به تعالى فإذا وقع الرخص لهذه الوجوه فهو إحسان منه تعالى، ويجوز أن يكون لطف للمحسن إليهم أو لغيرهم، وإن كان سببه تسعير الظالم وجبر أرباب السلع على بيعها بيسير الثمن فالرخص مضاف إلى فعل أسبابه، وهو قبيح لإسناده إلى تعدي المتغلب على ذوي الأملاك، وإن كان سببه إخراج ما يملكه من الغلات وغيرها إلى أسواق المسلمين، وأخذ المحتكرين بذلك فكثرت لذلك فحصل الرخص فهو مضاف إليه وهو حسن يستحق فيه الشكر بكونه إحسانا.
وإنما يكون الغلاء من قبله إذا كانت أسبابه من فعله سبحانه بمنع الغيث