عليه. وحمله مفهومات تلك الأخبار الدالة على النجاسة فيما نقص عن ذلك المقدار على أنها قد تغيرت بالنجاسة وإن لم يظهر ذلك للحس.
وقد مهد في كلامه في أول الكتاب المذكور قاعدة لذلك، فقال ثمة:
" وعلى هذا فنسبة مقدار من النجاسة إلى مقدار من الماء كنسبة مقدار أقل من تلك النجاسة إلى مقدار أقل من ذلك الماء ومقدار أكثر منها إلى مقدار أكثر منه، فكلما غلب الماء على النجاسة فهو مطهر لها بالاستحالة، وكلما غلبت النجاسة عليه لغلبة أحد أوصافها فهو منفعل عنها خارج عن الطهورية بها " انتهى. وحينئذ فيصير معنى قوله (عليه السلام) (1) : " إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ " أي لم يغيره شئ من النجاسات المعتادة، لأن الماء عنده لا ينجس إلا بالتغير. فنجاسته في الحديث بمعنى تغيره بها، ومفهومه حينئذ أنه إذا لم يبلغ كرا غيره شئ من تلك النجاسات المعتادة.
وقال أيضا في الباب الثاني بعد أن أورد في صدره صحيحة صفوان المتضمنة للسؤال عن الحياض التي بين مكة والمدينة، وقد تقدمت (2) ما صورته: " لما كانت الحياض التي بين الحرمين الشريفين معهودة معروفة في ذلك الزمان، اقتصر (عليه السلام) السلام على السؤال عن مقدار الماء في عمقها ولم يسأل عن الطول والعرض، وإنما سأل عن ذلك ليعلم نسبة الماء إلى تلك النجاسات المذكورة حتى يتبين انفعاله منها وعدمه فإن نسبة مقدار من النجاسة إلى مقدار من الماء في التأثير والتغيير كنسبة ضعفه إلى ضعفه مثلا، وعلى هذا القياس. (فإن قيل): تغير أوصاف الماء أمر محسوس لا حاجة فيه إلى الاستدلال عليه بنسبة قدره إلى قدر النجاسة (قلنا): ربما يشتبه التغير مع أن الماء قد تتغير أوصافه الثلاثة بغير النجاسة فيحصل الاشتباه. يؤيد ما قلناه ما في النهاية