في الكتاب المذكور بناء على القول بالانفعال، وإلا فعلى القولين الآخرين من الثلاثين أو الأربعين فلا ريب في كون الحكم فيهما كالمقدر بعينه، والعلة الموجبة فيهما واحدة.
(البحث الخامس) اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في طهر البئر بغير النزح من المطهرات المتقدمة (1) فظاهر الأكثر طهرها بذلك، والنزح الوارد في الأخبار وإن اختص بها إلا أنها تشارك غيرها في تلك المطهرات. وكلام المحقق في المعتبر يدل على انحصار تطهيرها في النزح، حيث قال: " وإذا جرى إليها يعني البئر الماء المتصل بالجاري لم نظهر، لأن الحكم متعلق بالنزح ولم يحصل " واختاره بعض محققي متأخري المتأخرين، قال: " لأن التطهير أمر شرعي لا بد له من دليل ولا دليل ظاهرا على ما عدا النزح " واختلف فتوى الشهيد (رحمه الله) في هذه المسألة، فقال في الدروس: " لو اتصلت بالجاري طهرت، وكذا بالكثير مع الامتزاج. أما لو تسنما عليها من أعلى فالأولى عدم التطهير، لعدم الاتحاد في المسمى " ومثله أيضا في الذكرى.
وقال في البيان: " ينجس ماء البئر بالتغير، ويطهر بمطهر غيره، وبالنزح " ثم قال:
والأصح نجاسته بالملاقاة أيضا، وطهره بما مر ونزح كذا، ثم ذكر المقادير.
ولا يخفى أن اشتراطه عدم علو المطهر على جهة التسنم في الكتابين يخالف ما أطلقه في الثالث من طهارته بمطهر غيره مطلقا.
وممن اختار القول المشهور صاحب المعالم، حيث قال بعد نقل الأقوال في المسألة: " والتحقيق عندي مساواته لغيره من المياه في الطهارة بما يمكن تحققه فيه من الطرق التي ذكرناها سابقا. ووجهه على ما اخترناه من اشتراط الامتزاج بالمعنى الذي حققناه واضح، فإن ماء البئر والحال هذه يصير مستهلكا مع المطهر، فلو كان عين النجاسة لم يكن له حكم، فيكف؟ وهو متنجس، ولا ريب أنه أخف.