وإنما عليكم التفريع عليها، فكل أصل لم يوجد له مستند ولا دليل من كلامهم (عليهم السلام) فهو بمقتضى الخبرين المذكورين مما لا يجوز الاعتماد عليه ولا الركون إليه.
فلنورد ههنا جملة مما جرى في الخاطر الفاتر، ونذيل ما يحتاج إلى البحث والتحقيق بما هو جدير به وحقيق على جهة الإيجاز والاختصار من غير تطويل ولا اكثار، وإن سمحت الأقضية والأقدار بالتوفيق ونامت عيون الدهر الغدار عن التعويق، أبرزنا لهذه الأصول رسالة شافية وأودعناها أبحاثا بحقها وافية.
فمن تلك الأصول طهارة كل ما لم تعلم نجاسته حتى تعلم النجاسة.
ويدل على ذلك قول الصادق (عليه السلام) في موثقة عمار: " كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر، فإذا علمت فقد قذر " (1) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما رواه في الفقيه (2): " لا أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم أعلم " ويدل على ذلك أخبار عديدة في جزئيات المسائل، وأصل الحكم المذكور مما لا خلاف فيه ولا شبهة تعتريه وإنما الخلاف في مواضع:
(الأول) في عموم هذا الحكم للجهل بالحكم الشرعي وعدمه، وتوضيح ذلك أن لا خلاف في العمل بهذا الحكم على عمومه بالنسبة إلى الجهل بملاقاة النجاسة وإن كان مع ظن الملاقاة، بمعنى أنه لو شك أو ظن الملاقاة فالواجب البناء على أصالة الطهارة حتى تعلم النجاسة، وكذا لا خلاف في ذلك بالنسبة إلى الشك أو الظن بنجاسة شئ له أفراد متعددة غير محصورة، بعضها معلوم الطهارة وبعضها معلوم النجاسة وقد اشتبه بعضها ببعض، كالبول الذي منه طاهر ومنه نجس والدم ونحوهما، فالجهل هنا ليس