المجاز له، إذ هي بالنسبة إلى مثله من أرباب الصدر الأول غير عزيزة، ويمكن أيضا أن يكون ذلك في مقام الجمع بين الأخبار بأن يكون في الأخبار المعارضة ما يدل على نفي الوجوب في الأول والجواز في الثاني مع قوته ورجحانه، وهذا من جملة القرائن الموجبة للخروج عن ذينك المعنيين الحقيقيين.
المقدمة الثامنة اختلف الأصوليون في ثبوت الحقائق الشرعية وتحقيق المقام من غير إطالة بابرام النقض ولا نقض الابرام هو أن اللفظ إن استعمل فيما وضع له فهو حقيقة وإلا فهو مجاز، والواضع أن كان هو الشارع أي الله سبحانه أو الرسول فحقيقة شرعية، وإن كان غيره فلغوية أو عرفية خاصة أو عامة.
ولا نزاع في أن الألفاظ المتداولة في لسان أهل الشرع المستعملة في خلاف معانيها اللغوية قد صارت حقائق في تلك المعاني عندهم، كاستعمال الصلاة الموضوعة لغة الدعاء في ذات الأركان الخمسة ونحوها.
إنما النزاع في أن هذا الاستعمال هل هو بطريق النقل عن الشارع فتكون حقائق شرعية، أو بطريق المجاز بمعنى أن الشارع إنما استعملها في تلك المعاني مجازا بمعونة القرينة ولكن غلب في ألسنة أهل الشارع استعمالها كذلك حتى أفادت من غير قرينة فتكون حقائق عرفية خاصة لا شرعية؟
فقيل بالأول بل هو المشهور بينهم محتجين بوجوه: (أظهرها) القطع بتبادر هذه المعاني من تلك الألفاظ إلى الفهم عند اطلاقها، وهو علامة الحقيقة.
وذهب بعض إلى الثاني، طاعنا في الحجة المذكورة ومحتجا بما هو مذكور في مطولات الأصول مما لا يرجع عند التحقيق إلى ثمرة ولا محصول.