القوانين المقررة اقتصروا على موردهما على تقدير العمل بهما. وحينئذ فما ذكره العلامة في المنتهى من أن المشتبه بالنجس حكمه حكم النجس، إن أراد به من جميع الوجوه فهو مردود بحسنة صفوان (1) الواردة في الثوبين المشتبه طاهرهما بنجسهما، إذ لا تكرر الصلاة في الثوبين النجسين ولا الطاهرين، وإن أراد من بعض الوجوه التي من جملتها ملاقاته برطوبة فصحيح.
وبالجملة فإن للمشتبه في هذه المسألة وأمثالها حالة متوسطة، فمن بعض الجهات كالأكل والشرب والملاقاة برطوبة حكمه حكم النجس، ومن بعض الجهات كالصلاة في الثوبين المشتبهين باعتبار تكرارها فيهما له حالة ثالثة. وإلى ذلك يميل كلام المحدث الأسترآبادي (قدس سره) في كتاب الفوائد المدنية في مسألة ما لو تنجس الماء مع الشك في بلوغه الكرية، حيث قال بعد أن اختار فيه التوقف عن الحكم بالطهارة والنجاسة ما صورته: " ثم اعلم أن هنا أقساما ثلاثة: المحكوم عليه بالطهارة والمحكوم عليه بالنجاسة والمحكوم عليه بوجوب التوقف عن الحكمين وبوجوب الاجتناب ومن المعلوم أن الملاقي لأحد الثلاثة حكمه حكم أحد الثلاثة " انتهى.
والعجب منهم (نور الله تعالى مراقدهم) فيما ذهبوا إليه هنا من الحكم بطهارة ما تعدى إليه هذا الماء. مع اتفاقهم ظاهرا في مسألة البلل المشتبه الخارج بعد البول وقبل الاستبراء على نجاسة ذلك البلل ووجوب غسله. كما سيأتي إن شاء الله تعالى الكلام فيه في المسألة المذكورة. والمسألتان من باب واحد كما لا يخفى.
(الثانية) لو اشتبه ماء إناء طاهر بأحد الإناءين، فهل يكون الحكم فيه كالحكم فيما اشتبه به من وجوب الاجتناب. أو يحكم بطهارتهما معا، بناء على أن مورد النص إنما هو اشتباه الطاهر يقينا بالنجس يقينا؟