ثم إنه (قدس سره) قال في المدارك بعد الكلام المتقدم: " نعم يمكن أن يقال إنه لا منافاة بين الحكم بطهارة الثوب المغسول وما يتصل به من البلل، ونجاسة المنفصل خاصة إذا اقتضته الأدلة. لكن يبقى الكلام في اثبات ذلك " انتهى. والظاهر أنه إشارة إلى ما ذكرنا. وقال المحدث الأمين (قدس سره) في تعليقاته على الكتاب المذكور: " ولعل وجه هذا الاحتمال أن الماء المغسول به لا يحمل النجاسة إلا بنقله لها عن المحل المتنجس، والنقل إنما يتحقق بالانفصال " انتهى. ولا يخفى بعده (1).
هذا. وظاهر السيد السند (قدس سره) في المدارك الميل إلى ما ذهب إليه السيد المرتضى (رضي الله عنه) حيث قال بعد الجواب عن أدلة ابن أبي عقيل على عدم انفعال الماء القليل ما صورته: " لكن لا يخفى أنه ليس في شئ من تلك الروايات دليل على انفعال القليل بوروده على النجاسة، بل ولا على انفعاله بكل ما يرد عليه من النجاسات، ومن ثم ذهب السيد المرتضى (رضي الله عنه) في جواب المسائل الناصرية إلى عدم نجاسة القليل بوروده على النجاسة. وهو متجه " انتهى. واختار ذلك أيضا المحدث الأمين (طاب ثراه) في تعليقاته على الكتاب المذكور.
وفيه (أولا) أنه وإن كانت جملة من الأخبار الدالة على نجاسة القليل بالملاقاة قد اشتملت على ورود النجاسة على القليل، كأخبار الركوة والتور ونحوهما، إلا أن ذلك لا يقتضي قصر النجاسة عليه دون عكسه، فإن الظاهر أن السبب في الانفعال إنما هو ملاقاة النجاسة كيف اتفق، وقابلية القليل من حيث القلة والمائعية للانفعال أعم من وروده على النجاسة أو ورودها عليه. والحكم بالنجاسة في تلك الأخبار قد