قدمنا نقله (1) اختصاص التنجيس بموضع النجاسة، لمنعه السراية وحكمه بتقوي الأسفل بالأعلى وإن لم يكن المجموع كرا فيختص التنجيس بموضع التغير.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) في كتاب الروض قد أورد ههنا تناقضا على من منع من تقوي الأعلى بالأسفل بأنهم قد حكموا في صورة ما إذا تغير بعض الجاري لا عن نبع بالنجاسة بعدم نجاسة الأعلى مطلقا وعدم نجاسة الأسفل إذا بلغ الباقي كرا إلا أن تستوعب النجاسة عمود الماء فيشترط كرية الأسفل، وهذا القول يستلزم تقوي الأعلى بالأسفل وإلا لزم نجاسة الأسفل مطلقا إلا إذا كان الأعلى كرا ولم يستوعب التغير عمود الماء، لأن الجزء الأعلى الملاقي للنجاسة على هذا يصير نجسا والفرض أنه لا يتقوى بما تحته فينجس حينئذ وينجس ما تحته لذلك أيضا وهكذا.
ووجه الجواب عن ذلك ما قدمنا نقله عن المحقق الشيخ حسن في كتاب المعالم ويمكن الجواب أيضا باحتمال قصر الحكم المذكور على الواقف المتصل بالكثير أو الجاري دون الجاري نفسه، فكأنهم يشترطون في التقوي وحدة الماءين في العرف أو يكون القوي أعلى، فالماء الجاري في العرف عندهم ماء واحد وإن كان بعضه أعلى وبعضه أسفل. وأما الماء الواقف المتصل بالكثير أو الجاري فمتى كان أسفل ينتفي فيه الأمران فلا يتقوى بهما.
ويمكن الجواب بما أشرنا إليه آنفا من تخصيص الحكم المذكور بما إذا لم تكن أجزاؤه منحدرة بل يكون العلو بطريق التسنم كالميزاب ونحوه.
(المسألة الرابعة) طريق تطهير الماء المذكور إذا تغير بالنجاسة أن يقال:
لا يخلو إما أن يتغير جميعه أو بعضه، وعلى الثاني فأما أن يبقى قدر الكر أم لا، فههنا أقسام ثلاثة: