يعرف بينهم أن مما يطهر القليل النجس القاء كر عليه دفعة، فإن كان متغيرا وزال تغيره بذلك وإلا فكر آخر حتى يزول التغير.
وقد وقع الخلاف بينهم في اشتراط الدفعة وعدمه، واشتراط الامتزاج وعدمه والظاهر أن منشأ ذلك عدم ورود حكم تطهير المياه في النصوص لا بطريق العموم ولا الخصوص سوى ما ورد في ماء الحمام مما لا يحسم مادة الاشكال في المقام.
فحينئذ حاول جملة من الأصحاب للحكم بالطهارة هنا وجها يدخل به تحت عموم الأخبار وهو حصول الوحدة بانضمام الماء الطاهر إلى الماء النجس ليدخل تحت عموم قوله (عليه السلام) (1): " إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ " وقد صرحوا أيضا بأنه كما يطهر بالقاء الكر يطهر بمطهرات أخر سنشير إليها إن شاء الله تعالى (2).
وتفصيل هذه الجملة يقع في مواضع:
(الأول) قد اختلفت كلمة الأصحاب (رضوان الله عليهم) في اشتراط الامتزاج وعدمه، واضطربت فتاوى جملة منهم، فممن صرح بذلك المحقق في المعتبر في مسألة الغديرين، حيث قال: " الغديران الطاهران إذا وصل بينهما بساقية صارا كالماء الواحد، فلو وقع في أحدهما نجاسة لم ينجس ولو نقص كل واحد منهما عن الكر إذا كان مجموعهما مع الساقية كرا فصاعدا " ثم قال بعد هذا الكلام بلا فصل: " الثالث لو نقص الغدير عن كر فنجس فوصل بغدير فيه كر ففي طهارته تردد. والأشبه بقاؤه على النجاسة، لأنه ممتاز عن الطاهر " ولا يخفى عليك ما في ظاهر هذا الكلام من التدافع، إلا أن يحمل كلامه الأول على استواء سطحي الغديرين والثاني على اختلافهما كما أشرنا إليه في المسألة الثانية