وبالجملة فبعد ثبوت الحكم بتلك الأخبار الصحيحة الصريحة المستفيضة. وانطباق جملة أخبار المسألة بعضها على بعض على ذلك. فهذا الخبر لا ينهض بالمعارضة ولا ينوء بالمناقضة.
وأما عن الحديث الثاني (1) فإنا لم نعثر عليه مسندا ولا مرسلا في شئ من كتب الأخبار التي عليها المدار، وقد صرح بذلك أيضا جملة ممن تقدم من مشايخنا (عطر الله تعالى مراقدهم) بل صرح جملة منهم بكونه عاميا (2) وما هذا حاله فلا يصح الاستناد إليه فضلا عن معارضة الأخبار به. على أنا نقول: إنه لو ثبت صحته لكان حمله على التقية متعينا، لما عرفت آنفا (3).
هذا. وممن اختار القول بعدم انفعال القليل بمجرد الملاقاة المحدث الكاشاني، وقد بالغ في اعلائه وتشييده، وتكلف جمع الأخبار عليه وتأييده، وأكثر من الطعن في أدلة القول الآخر، حتى اغتر به بعض من لم يعض على المسألة بضرس قاطع ممن تأخر، ولأجل ذلك كتبنا في المسألة المذكورة رسالة تشفي العليل.
وتبرد الغليل، موسومة بقاطعة القال والقيل في نجاسة الماء القليل، فقد نقلنا فيها جميع كلامه وما أطال به من نقضه وإبرامه، وأردفناه بما يكشف عنه نقاب إبهامه ويقشع غياهب ظلامه.
ولنذكر هنا جملة أدلته على سبيل الاختصار، وأجوبته عما يرد عليه من أدلة القول المقابل له في هذا المضمار، ونبين ما فيه من القصور عن درجة الاعتبار.
(أحدها) قوله (صلى الله عليه وآله) في حديث السكوني عن أبي عبد الله