يغيره شئ بالنجاسة، فالنكرة لا يمكن أخذها على عمومها، للقطع بالتغير ببعض أفراد النجاسات، فلا بد من التخصيص بالمعتاد حينئذ ففيه أن تلك الدعوى غير مسلمة عند الخصم، إذ هي أول المسألة. وأيضا فهي غير ظاهرة من اللفظ، بل الظاهر منه هو ما يدعيه الخصم، إذ المتبادر من قول القائل: نجس هذا هذا. يعني جعله نجسا أعم من أن يكون بمجرد الملاقاة كسائر المائعات أو بالتغير كما يدعيه هنا، فلا تقوم تلك الدعوى حجة على الخصم. على أن المتبادر فيما نحن فيه هو المعنى الأول بقرينة صحيح زرارة المذكورة، وقوله فيه: " لم ينجسه شئ إلا أن تجئ له ريح.. الخ " أي لم يجعله نجسا بمجرد الملاقاة إلا أن يتغير في ريحه، فالتنجيس في الأخبار بمعنى الانفعال بمجرد الملاقاة لا بمعنى التغير بالنجاسة كما تمحله.
و (أما ثانيا) فلأن مقتضى ما ذكره من أن الشارع إنما جعل الكر معيارا لما لم يتغير بالنجاسات المعتادة. كما هو منطوق ذلك اللفظ عنده. اللازم منه بمقتضى مفهومه أن ما نقص عن الكر يتغير بها أنه لو وقعت نجاسة من تلك النجاسات المعتادة في قدر كر من ماء إلا درهما، فإنه يحكم بتغيره بها وإن لم يظهر أثرها فيه، ولو تمم بدرهم ووقع قدرها من تلك النجاسات بعنيها في كر تام، لم يحكم بتغيره (1) وهو من البعد على حال لا يحتاج إلى البيان، ومن البطلان بمقام يستغنى عن إقامة البرهان.
و (أما ثالثا) فلأن ما ذكره في بيان صحيحة صفوان 2) من أنه (عليه السلام)