والتفرقة خلاف ما يحكم به الوجدان " وإلى هذا يشير كلام السيد السند في المدارك أيضا وفيه أن الظاهر الفرق بين الوصول إلى الماء الموجود بحفر ونحوه وتحصيله بعد وجوده في حد ذاته وبين ايجاده، لأنك تعلم أن هذا الماء المطلق الموجود قبل المزج في حكم العدم، لوجوب التيمم معه لو لم يكن المضاف موجودا اجماعا، فالمزج حينئذ نوع ايجاد لما تجب به الطهارة المائية. وبذلك يظهر لك رجحان كلام الشيخ (رضوان الله عليه) وأن بناء كلامه إنما هو على عدم صدق وجدان الماء في الصورة المفروضة.
(المسألة الخامسة) اختلف الأصحاب (نور الله تعالى مراقدهم) في طريق تطهير المضاف بعد نجاسته على أقوال:
(أحدها) ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط حيث قال: " لا يطهر إلا بأن يختلط بما زاد على الكر من المطلق. ثم ينظر. فإن سلبه اطلاق اسم الماء لم يجز استعماله بحال، وإن لم يسلبه اطلاق اسم الماء وغير أحد أوصافه: أو لونه أو طعمه أو ريحه، لم يجز استعماله أيضا بحال " وربما كان الظاهر من المعتبر أيضا اختيار هذا القول، حيث نقل هذا الكلام ولم يتعرض لرده. وإلى هذا ذهب العلامة في التحرير إلا أنه لم يعتبر الزيادة على الكر. وبعضهم عده لذلك قولا رابعا في المسألة، إلا أن الظاهر كما ذكره البعض أن ذكر الزيادة في كلام الشيخ إنما خرج مخرج التساهل في التعبير.
واعترض على هذا القول بأن الدليل إنما دل على نجاسة الكثير من المطلق بتغير أحد أوصافه الثلاثة إذا كان التغير بالنجاسة لا المتنجس، والتغير هنا إنما هو بالمتنجس. وبينهما فرق واضح.
وأجيب بأن المضاف صار بعد تنجيسه في حكم النجاسة، فكما ينجس الملاقي له ينجس المتغير به.
وفيه أنه إن أريد بصيرورته في حكم النجاسة يعني في جميع الأحكام فهو ممنوع، وإن أريد في بعضها فهو غير مجد في المقام.