وإن كان ما اختاره شيخنا ثقة الاسلام من التخيير لا يخلو من قوة، إلا أن أخبار الاحتياط عموما وخصوصا أكثر عددا وأوضح سندا وأظهر دلالة.
وأما الترجيح بالأوثقية والأعدلية فالظاهر أنه لا ثمرة له بعد الحكم بصحة أخبارنا التي عليها مدار ديننا وشريعتنا كما قدمنا بيانه (1) ولعل ما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة (2) من الترجيح بذلك محمول على الحكم والفتوى كما هو موردها، ومثلها رواية داود بن الحصين (3)، وأما مرفوعة زرارة (4) فلما عرفت من الكلام فيها لا تبلغ حجة، أو يقال باختصاص ذلك بزمانهم (عليهم السلام) قبل وقوع التنقية في الأخبار وتخليصها من شوب الأكدار، والله سبحانه ورسوله وأوليائه أعلم.
(الثامن) إنه قد وقع التعبير عن المجمع عليه في مقبولة عمر بن حنظلة بالمشهور، وهو لا يخلو من نوع تدافع. ويمكن الجواب عن ذلك إما بتجوز اطلاق المجمع عليه على المشهور، أو بأن يقال: يمكن أن يكون الراوي لما هو خلاف المجمع عليه قد روى ما هو مجمع عليه أيضا فأحد الخبرين مجمع عليه بلا اشكال والآخر الذي تفرد بروايته شاذ غير مجمع عليه، وحينئذ فيصير التجوز في جانب الشهرة، وأما بحمل الشاذ المخالف على ما وافق روايات العامة وأخبارهم وإن رواه أصحابنا، بمعنى وجوب طرح الخبر الموافق لهم إذا عارضه خبر مشهور معروف بين الأصحاب، وذلك لا ريب فيه كما تدل عليه الأخبار الدالة على حكم الترجيح بين الأخبار.