مع كونها غير محصورة، فالجميع حلال حتى يعرف الحرام بعينه على الخصوص، فمورد الحكم حينئذ هو موضوع الحكم الشرعي دون الحكم الشرعي نفسه، وبهذا التخصيص جزم المحدث الأمين الأسترآبادي.
وظاهر جمع ممن قدمنا نقل الخلاف عنهم (1) في القاعدة المتقدمة، اجراء ذلك أيضا في نفس الحكم الشرعي، ومقتضى ذلك أنه لو وجد حيوان مجهول مغاير للأنواع المعلوم حلها وحرمتها من الحيوانات، فإنه يحكم بحله بناء على عموم القاعدة المذكورة، وكذا بطهارته بناء على عموم القاعدة المتقدمة، إلا أن شيخنا الشهيد الثاني في تمهيد القواعد صرح في مثل ذلك بالطهارة والتحريم محتجا بالأصل فيهما، قال: " أما أصالة الطهارة فظاهر، وأما أصالة التحريم فلأن المحرم غير منحصر، لكثرته على وجه لا ينضبط " وفيه ما لا يخفى.
وأنت خبير بأن مقتضى العمل بأخبار التثليث التي تقدمت الإشارة إليها في بحث البراءة الأصلية (2) التوقف في مثل ذلك، إذ شمول هذه الأخبار التي ذكرناها لمثل ذلك مما يكاد يقطع بعدمه، فإنها متشاركة الدلالة تصريحا في بعض وتلويحا في آخر على أن موردها إنما هو موضوع الحكم الشرعي والأفراد المعلومة الحكم مع اشتباهها.
والله ورسوله وأولياؤه (عليهم السلام) أعلم بحقائق الأحكام.
ومنها عدم نقض اليقين بالشك، والمراد بالشك ما هو أعلم من الظن كما سلف في القاعدة المتقدمة (3) من دلالة حسنة الحلبي وصحيحة زرارة على ذلك.
والأخبار الدالة على هذه القاعدة الشريفة مستفيضة، ومنها الروايتان المشار إليهما.