و (أما الثاني) فلأن استصحاب الطهارة الذي ورد به النص في الثوب هو ما إذا كان الثوب متيقن الطهارة وشك في عروض النجاسة له، كما تضمنته صحيحة زرارة المضمرة (1) وغيرها، فإنه لا يخرج عن يقين الطهارة إلا بيقين النجاسة. ووجه الفرق بين هذه وبين ما نحن فيه ظاهر، فإن صحيحة زرارة المذكورة وظاهر غيرها أن الغرض المترتب على التمسك بيقين الطهارة في هذه المواضع هو دفع الشك بعروض النجاسة حتى يحصل اليقين بها، فالتمسك بيقين الطهارة إنما هو في مقابلة الشك في عروض النجاسة، وأفراد هذه الكليات إنما هي الأمور المقطوع بعدم العلم بملاقاة النجاسة لها. فتستصحب طهارتها إلى أن يظهر خلافها. وما نحن فيه ليس كذلك، إذ هو مما تحقق ملاقاة النجاسة له لكن حصل الشك في بلوغه القدر العاصم من النجاسة وعدمه، وليس الشك هنا في ملاقاة النجاسة كما هو مساق تلك الأخبار، ومثل ذلك لو حصل في ثوب دم محكوم بنجاسته شرعا لكن حصل الشك في زيادته على الدرهم وعدمها. فإنه ليس للقائل أن يستند إلى هذه الأخبار بأن الأصل طهارة الثوب لقوله (عليه السلام): " كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر " (2).
وبالجملة فالمراد بالشك الذي لا يعارض اليقين هو الشك في عروض النجاسة وملاقاة النجس لا الشك في السبب الموجب للتنجيس.
(المقالة التاسعة) الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أن ماء المطر في الجملة حال تقاطره كالجاري. ونقل عن ظاهر الشيخ اشتراط