ولا استبعاد بعد قيام الدليل عليه، مع ما في النجاسة من العسر والحرج، وكون النجاسة والطهارة من التعبديات المحضة، مع ضعف أدلة النجاسة. وفيه نظر " انتهى كلامه زيد في الخلد مقامه. وهو وجيه.
(الخامس) القول بالنجاسة مطلقا وإن كان بعد طهارة المحل، بمعنى أن ماء كل غسلة كمغسولها قبل الغسل وإن ترامت الغسلات إلى غير النهاية، حكاه الشهيد (رحمه الله) في حاشية الألفية عن بعض الأصحاب، قال في المدارك بعد حكاية القول المذكور: " وربما نسب إلى المصنف والعلامة، وهو خطأ، فإن المسألة في كلامهما مفروضة فيما تزال به النجاسة، وهو لا يصدق على الماء المنفصل بعد الحكم بالطهارة " انتهى.
أقول: نقل الشيخ مفلح الصيمري في شرح كتاب موجز الشيخ ابن فهد عن مصنفه أنه نقل هذا القول في كتاب المهذب والمقتصر عن المحقق العلامة وابنه فخر المحققين، ثم نسبه في ذلك إلى الغلط الفاحش والسهو الواضح وأطال في بيان ذلك ونقل شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) في الروض بعد نقله القول المذكور أن قائله احتج بأنه ماء قليل لاقى نجاسة، قال: " وبيانه أن طهارة المحل بالقليل على خلاف الأصل المقرر ممن نجاسة القليل بالملاقاة. فيقتصر فيه على موضع الحاجة، وهو المحل دون الماء " ثم رده بحكم الشارع بالطهارة عند تمام الغسلات، فلا اعتبار بما حصل بعد ذلك، وبلزوم الحرج المنفي. وناقش بعض أفاضل متأخري المتأخرين في كلام شيخنا الشهيد الثاني هنا بما لا ينبغي أن يصغى إليه ولا يعرج في المقام عليه. وكيف كان فهذا القول بمحل سحيق عن جادة التحقيق فهو بالاعراض عنه حقيق.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لم نعثر في الأخبار على ما يقتضي الحكم في الغسالة إلا على رواية العيص ورواية عبد الله بن سنان السالفتين (1) والأولى منهما ظاهرة