(الأولى) قد اتفقت هذه الأخبار ما عدا رواية المجالس في عدم ذكر البعد الثالث (1) وظاهر كلام شيخنا الشهيد الثاني في الروض أن رواية أبي بصير (2) قد اشتملت على الأبعاد الثلاثة ولكن أحدها وهو العمق لم يذكر تقديره. وقد تكلف شيخنا البهائي في كتاب الحبل المتين لبيان اشتمالها على مقادير الأبعاد الثلاثة بإعادة الضمير في قوله: " مثله " إلى ما دل عليه قوله (عليه السلام): " ثلاثة أشبار ونصفا " أي في مثل ذلك المقدار لا في مثل الماء، إذ لا محصل له، وكذا الضمير في قوله (عليه السلام):
" في عمقه " أي في عمق ذلك المقدار في الأرض. وفيه أنه يؤذن بكون قوله:
" في عمقه من الأرض " كلاما منقطعا، وبه يكون الكلام متهافتا معزولا عن الملاحة لا يليق نسبته بتلك الساحة البالغة أعلى درجات البلاغة والفصاحة، بل الظاهر من قوله:
" في عمقه " أنه إما حال من " مثله " أو نعت " لثلاثة أشبار " الذي هو بدل من " مثله " وعلى هذا تكون الرواية مشتملة على بيان مقدار العمق مع أحد البعدين الأخيرين، والبعد الثالث متروك.
وبالجملة فهذه الأخبار كلها مشتركة في عدم عد الأبعاد الثلاثة (3) ولم أجد لها رادا من هذه الجهة، بل ظاهر الأصحاب قديما وحديثا الاتفاق على قبولها وتقدير البعد الثالث فيها، لدلالة سوق الكلام عليه، وكان ذلك شائعا كثيرا في استعمالاتهم وجاريا دائما في محاوراتهم، ومنه: قول جرير:
كانت حنيفة أثلاثا فثالثهم من العبيد وثلث من مواليها وعد بعضهم من ذلك قوله (صلى الله عليه وآله): " حبب إلي من دنياكم ثلاث: