إلا أن الترجيح في تخصيص هذا بذاك (أولا) بقوة دلالة تلك الأخبار الدالة على عدم انفعال مقدار الكر. و (ثانيا) باحتمال البناء في هذا العموم على ما هو الغالب من عدم بلوغ ماء الأواني كرا. ومع ذلك فالحجة المذكورة لا تشمل الحياض، فتبقى خالية من الدليل.
وكيف كان فالظاهر هو القول المشهور، إلا أنه روى أبو بصير في الموثق، قال: " سألته عن كر من ماء - مررت به وأنا في سفر قد بال فيه حمار أو بغل أو انسان. قال: لا تتوضأ منه ولا تشرب " (1) والظاهر حمله على تغير موضع البول فينقص الباقي عن الكر فينجس. وربما حمل على الكراهة. والظاهر بعده.
ثم إن جملة من الأصحاب (2) ادعوا الاجماع على أن الكثير الواقف لا ينجس بملاقاة النجاسة، فإن أرادوا بالواقف هو الساكن، ففيه ما عرفت من خلاف هؤلاء الفضلاء، وإن أريد ما هو أعم منه ومن الجاري لا عن نبع، ففيه زيادة على ما ذكر ما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجاري لا عن نبع (3) من ذهاب جمع من الأصحاب إلى عدم تقوي الأعلى بالأسفل، حتى أورد عليهم لزوم نجاسة النهر العظيم بملاقاة النجاسة إذا لم يكن فوقها ما يبلغ الكر، ولهذا ذهب بعض المحدثين من متأخري المتأخرين (4) إلى أن هذا الفرد من الماء يوافق الجاري في بعض الأحكام والراكد في بعض كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى (5).
(المسألة الثانية) هل يشترط في عدم انفعال الكر بالملاقاة مساواة سطحه الظاهر أم لا؟ قد اضطرب كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) في هذا المقام، لعدم