لا ريب أن مقتضى كلام القائلين بتخصيص حكم الاشتباه بالنجس بالطهارة خاصة دون سائر الاستعمالات هو الثاني. وأما على تقدير القول باجراء حكم النجس على المشتبه به مطلقا فيحتمل الحكم بوجوب الاجتناب، لأن هذا بعض الأحكام المترتبة على النجس، وبذلك صرح العلامة في المنتهى أيضا. واعترضه في المعالم بأن ذلك خارج عن مورد النص محل الوفاق، فلا بد له من دليل. ويحتمل العدم وقوفا على مورد النص كما عرفت. والاحتياط لا يخفى.
(الثالثة) نص كثير من الأصحاب (رضوان الله عليهم) كالشيخين والفاضلين وغيرهما على عدم الفرق في وجوب الاجتناب مع الاشتباه بين ما لو كان الماء في إناءين أو أكثر. بل نبه بعضهم على عدم الفرق بين كون ذلك إناءين أو غديرين.
قال في المعالم بعد نقل ذلك عنهم، والاعتراض بأن الحديثين اللذين احتجوا بهما للحكم (1) إنما وردا في الإناءين ما صورته: " ولو تم الاحتجاج بالاعتبارات التي ذكروها لكانت دليلا في الجميع، وأما النص فخاض كما علم، فتتوقف التسوية التي ذكروها على الدليل، ولعله الاتفاق مضافا إلى الاعتبار " انتهى. وعلى هذا الكلام جرى جملة ممن تأخر عنه.
وفيه ما قد عرفت من أن نظرهم لما كان مقصورا على الخبرين المذكورين مع ما عرفت من طعنهم فيهما ومناقشتهم في أصل المسألة كان التعدي عن موردهما يحتاج إلى دليل.
ومن سرح بريد نظره فيما حققناه وتأمل ما شرحناه عرف أن الحكم في ذلك أمر كلي وقاعدة مطردة لا يداخله شوب الاشكال في تعدي الحكم إلى ما ذكره أولئك الفضلاء. على أن التخصيص بالإناءين إنما وقع في كلام السائل، وخصوص السؤال لا يخصص كما تقرر عندهم.