(الرابعة) هل الأمر بالإراقة في النص (1) على جهة الوجوب أم لمجرد الإباحة؟
ظاهر كلام الشيخين والصدوقين (عطر الله مراقدهم) الأول، إلا أن كلام الصدوقين ربما أشعر باختصاص الحكم بحال إرادة التيمم، حيث قالا في الرسالة والفقيه: " فإن كان معك إناءان فوقع في أحدهما ما ينجس الماء ولم تعلم في أيهما وقع فأهرقهما جميعا وتيمم " وأما كلام الشيخين سيما المفيد في المقنعة فظاهر في عدم التقييد بذلك، حيث ذكر أنه بعد الاهراق يتوضأ بماء سواهما.
وصريح كلام ابن إدريس ومن تأخر عنه الثاني، وربما يؤيد بورود الأمر بالإراقة في جملة من الأخبار، كما تقدم في أدلة نجاسة الماء القليل بالملاقاة، مع أنه لم يقل أحد بوجوب الإراقة ثمة، قال في المعتبر: " وقد يكنى عن النجاسة بالإراقة في كثير من الأخبار تفخيما للمنع " وهو جيد.
ونقل في المعتبر عن بعض الأصحاب أن علة الأمر بالإراقة ليصح التيمم، لأنه مشروط بعدم الماء.
ورده بأن وجود الماء الممنوع من استعماله لا يمنع التيمم، كالمغصوب وما يمنع من استعماله مرض أو عدو، ومنع الشارع أقوى الموانع. وهو متجه.
وكيف كان فلا يخفى عليك ما في الأمر بالإراقة من الدلالة على عدم الانتفاع بالماء المذكور وأن وجوده في حكم العدم، وبه يظهر لحوقه للنجس في جملة أحكامه لا بخصوص الطهارة من الحدث كما ذكره أولئك الفضلاء (رضوان الله عليهم) لأنه متى جاز الانتفاع به في غير الطهارة من أكل وشرب ونحوهما فإراقته مما يدخل في باب الاسراف المنهي عنه عموما وخصوصا. والحق أن التعبير بإراقته هنا دليل ظاهر في لحوق أحكام النجس كملا كما لا يخفى.
(الخامسة) قال السيد السند في المدارك بعد الكلام الذي نقلناه في صدر