الكر أيضا ظاهر البطلان إلا أن يعلم تصريحهما بذلك في محل آخر. والله أعلم.
(الثانية عشرة) روى الشيخ في التهذيب (1) في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: " سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع، أيغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة، إذا كان لا يجد غيره، والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مدا للوضوء، وهو متفرق، فيكف يصنع به وهو يتخوف أن يكون السباع قد شربت منه؟ فقال: إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه وكفا أمامه وكفا عن يمينه وكفا عن شماله. فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده. فإن ذلك يجزيه. وإن كان الوضوء غسل وجهه ومسح يده على ذراعيه ورأسه ورجليه. وإن كان الماء متفرقا فقدر أن يجمعه وإلا اغتسل من هذا وهذا. فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه، فإن ذلك يجزيه ".
أقول: وهذا الخبر من مشكلات الأخبار ومعضلات الآثار، وقد تكلم فيه جملة من علمائنا الأبرار رفع الله تعالى أقدارهم في دار القرار، وحيث كان مما يتعلق بهذا المقام ويدخل في سلك هذا النظام رأينا بسط الكلام فيه واردافه بما يكشف عن باطنه وخافيه.
فنقول: إن الكلام فيه يقع في مواضع:
(الأول) اختلف أصحابنا (رضوان الله عليهم) في أن النضح للجوانب الأربعة في الخبر المذكور هل هو للأرض أم البدن. وعلى أي منهما فما الغرض منه وما الحكمة فيه؟
فقيل بأن محل النضح هو الأرض، وقد اختلف في وجه الحكمة على هذ القول.