كماء النهر يطهر بعضه بعضا ".
هذا على تقدير القول المشهور، وأما على ما مذهب إليه العلامة من اشتراط الكرية في عدم الانفعال، ففيه اشكال، لأنه متى تغير الجاري على وجه لا يبلغ الباقي كرا فلا يطهر إلا بمطهر من خارج، لأن ما يخرج بالنبع لا يكون إلا قليلا فينفعل بالملاقاة بعد خروجه، وهكذا فيما يخرج دفعة ثانية وثالثة وهكذا، فلا يتصور حصول الطهارة به وإن استهلك المتغير، لأن الاستهلاك بماء محكوم بنجاسته كما عرفت.
وقد أطلق (قدس سره) في كتبه طهارة الجاري المتغير بتكاثر الماء وتدافعه حتى يزول التغير، وعلله في المنتهى والتذكرة بأن الطارئ لا يقبل النجاسة لجريانه، والمتغير مستهلك فيه (1) وأنت خبير بما فيه، قال بعض فضلاء متأخري المتأخرين بعد ايراد ذلك على قوله " ويمكن أن يجعل هذا من جملة الأدلة على بطلان تلك الدعوى " انتهى.
(المقالة الثامنة) قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأن حكم ماء الحمام كالجاري إذا كان له مادة، قالوا: والمراد بماء الحمال يعني ما في حياضه الصغار. ثم اختلفوا في اشتراط الكرية في المادة وعدمه، وحينئذ فالبحث هنا يقع في مواضع ثلاثة: