لراجع في السؤال عن تنجسه بتلك الأشياء المخصوصة، إذ بناء على ما يقولونه من عدم العموم لم يحصل الجواب عن السؤال، ومع غفلة السائل كيف يرضى الإمام (عليه السلام) بعدم إفادته ذلك مع أنه مناط السؤال والبلوى به عام في جميع الأحوال؟
وبالجملة فالمتسارع إلى الفهم السليم والمنساق إلى الذوق المستقيم من حاق اللفظ في أمثال هذه المقامات هو العموم، وهو عند التأمل والانصاف أمر ظاهر معلوم. وما يتمسك به من أن (شيئا) نكرة في سياق الاثبات فلا يعم مع تسليمه فقد خرجوا عنه في مواضع لاقتضاء المقام العموم فيها، كما صرحوا به في المعرف بلام التحلية إذا استعمل في المقامات الخطابية. وقد تقدم تحقيقه في المقالة الأولى (1) من الفصل الأول.
و (رابعا) أن ما ذكره من الحمل على المستولية جمعا فيه أنه لم يبق على هذا فرق بين الكر وغيره لأن الكر أيضا إنما ينجس بالتغير خاصة، فأين المخالفة بين المفهوم والمنطوق التي لا خلاف في ثبوتها؟ بل لا بد من الحمل على التنجيس بمجرد الملاقاة كما ذكرنا تحقيقا لذلك.
و (أما السادس) (2) ففيه (أولا) أن الواجب حمل النهي عن الاستعمال في تلك الأخبار المذكورة على حقيقته من التحريم، كما هو المشهور بين محققي علماء الأصول، والمؤيد بالآيات وأخبار آل الرسول، كما قدمنا لك بيانه وشددنا أركانه (3).
و (ثانيا) أن من جملة تلك الأحاديث التي أوردها في ذلك الباب الأحاديث الدالة على اهراق مياه الأواني عند ملاقاة شئ من القذر لها، وليس ذلك عند التأمل والانصاف إلا لنجاستها وعدم الانتفاع بها بالمرة، إذ استحباب التنزه عنه